حياته المبكرة وحجته الأولى
ولد في طنجة سنة(703 هـ/1304م) بالمغرب. اسمه الكامل هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف بن اللواتي الطنجي بن بطوطة بن حميد الغازي بن القريش العلي، تسمّى باسم أمه بطوطة وهي في الأصل فطومة. وكل المعلومات المتوفرة عن حياة ابن بطوطة مصدرها السير الذاتية المذكورة في سياق حكايات رحلاته. ولد ابن بطوطة في عائلة علماء في القضاء الإسلامي في مدينة طنجة بالمغرب في 25 فبراير 1304، خلال عهد الدولة المرينية. يرجع نسب ابن بطوطة إلى القبيلة الأمازيغية المعروفة ب لواتا أو لواتة. وكأي شاب في سنه، كان بإمكانه الدراسة في مدرسة سنية مالكية على اعتبار أنه الأسلوب التعليمي الذي كان سائداً في شمال أفريقيا في ذلك الوقت. في شهر يونيو عام 1325 وفي عمر الحادية والعشرين، رحل ابن بطوطة من مدينته متوجهاً لمكة لأداء فريضة الحج في رحلة قد تستغرق ستة عشر شهرا. لم ير بعدها المغرب لمدة أربعٍ وعشرين عاماً. "رحلت وحيداً. لم أجد أحداً يؤنس وحدتي بلفتات ودية، ولا مجموعة مسافرين أنضم لهم. مدفوع بِحكمٍ ذاتي من داخلي، ورغبة عارمة طال انتظارها لزيارة تلك المقدسات المجيدة. قررت الابتعاد عن كل أصدقائي، ونزع نفسي بعيداً عن بلادي. وبما أن والديَّ كانا على قيد الحياة، كان الابتعاد عنهما حملاً ثقيلاً علي. عانينا جميعاً من الحزن الشديد."
. لقد سافر إلى مكة براً عبر ساحل شمال أفريقيا، قاطعاً سلطنة بني عبد الواد والحفصيين. وأثناء رحلته مر بكل من تلمسان، بجاية، وتونس التي مكث فيها ما يقارب الشهرين . انضم ابن بطوطة من أجل سلامته لقافلة؛ حتى يقلل من خطر هجوم الرحالة من بدو العرب. وقد اختار عروسا من مدينة صفاقس، والتي كانت الأولى في سلسلة زيجاته التي ميزت أسفاره. مع بداية ربيع 1326، وبعد رحلة استمرت لأكثر من 3،500 كم 2،200) ميل) وصل ابن بطوطة إلى ميناء الإسكندرية، والتي كانت جزءاً من إمبراطورية المماليك البحرية .. وقد قضى عدة أسابيعٍ يزور فيها مواقع عدة في المنطقة، ثم توجه إلى داخل البلاد حيث القاهرة –عاصمة سلطنة المماليك- والتي كانت في ذلك الوقت أيضا مدينة كبيرة ومهمة. وبعد قضاء ما يقارب الشهر في القاهرة. اختار أن يسير من الطريق الأقرب له من بين طرق عديدة في الأراضي الخاضعة لحماية المماليك. ومن بين الطرق الثلاثة المعتادة والموصلة إلى مكة، اختار ابن بطوطة طريقاً لا يستخدمه المسافرون كثيراً، وضم رحلة إلى وادي النيل من خلال هذا الطريق، ثم إلى شرق ميناء على البحر الأحمر في عيذاب، ولكن عندما شارف على الوصول، أجبرته ثورة محلية في البلاد على الرجوع . عاد ابن بطوطة إلى القاهرة وقام برحلةٍ ثانية كانت هذه المرة إلى المماليك التي تسيطر على دمشق. قابل خلال زيارته الأولى رجل علم الشيخ أبو الحسن شادلي الذي تنبأ له بأنه لن يصل إلى مكة المكرمة إلا من خلال السفر عبر سوريا. كان لهذا التحويل ميزة إضافية حيث أن السلطات المملوكية لم تدخر جهداً في الحفاظ على المسار آمنا للحجاج؛ بسبب الأماكن المقدسة التي تقع على طول الطريق، بما في ذلك الخليل، والقدس، وبيت لحم. وبدون هذه المساعدة سوف يتعرض الكثير من المسافرين للسرقة والقتل.
بعد أن أمضى شهر رمضان في دمشق، انضم إلى القافلة المسافرة 1500 كيلومترا (930 ميلا) إلى الجنوب، إلى المدينة المنورة، حيث قبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وبعد أربعة أيام في المدينة سافر إلى مكة، حيث استكمل حجه وحصل على لقب "الحاج". وبدلا من أن يعود إلى دياره، قرر ابن بطوطة الاستمرار في رحلاته، واختيار الخانات كوجهته القادمة (الخانات المغولية في الشمال الشرقي)